حسنًا، العقلُ هو...، لا أحد يعرف كيف يصف العقل وماهيته، حيث أننا نعلم أنه موجود وبدونه لن نختلف عن الحيوانات في شيء، ولكننا في نفس الوقت لا نعلم أين يقع؟ وممّ يتكون؟ هل هو المخ؟، لكن المخ اكتُشف وفُحص وعُرف أنه نقطة الوصل بين الإحساسات والأعصاب، وبين الأعصاب والحركة، لكن ما هذا الذي يجعلنا نُفكّر فعلًا ونُعالج المعلومات؟. في الحاسوب الذي اخترعه الإنسانُ هُناك المُدخلات والتي تُوافق أعضاء الإحساس البشرية، وهُناك المُخرجات والتي تُوافق اللسان والكتابة باليد والأفعال بشكل عام. وأهم قطعة في الحاسوب هي المُعالجات (processors) والتي تدخل إليها بيانات صفرية وأحادية وتُعالج ثم تخرج بنفس الصيغة التي دخلت بها لكنها تفعل كلّ شيء بما تعنيه.
لقد شطحتُ عن صلب الموضوع كعادتي، فما هو العقل فعلًا؟. لا نعرف على وجه الحقيقة. لنذهب لمُسمَّى آخر نعشق ترديده ولا نعرف ماهيته أيضًا؛ ألا وهو الروح. الروح بطبيعتها، حسنًا لا نعلم طبيعتها، لكننا نعلم أنها موجودة في دواخلنا، ونعلم أنه عندما نموت نفقدها، ونعلم أنها تُرد بهيئة ما في القبرِ فنُعذّب بها أو نُنعّم. ونعرف أنها تتزاور في المنامات بصورة ما أيضًا. الروح اسمٌ عجيب، وله وظيفة الحياة، والتزاور، والتنعم والتعذب، ولكنها من أمر الله، والبشرية فعلًا عاجزة عن ماهيته.
هُناك تجربة ظريفة في العلوم العقلية تُذكر على وجه الخيال في بعض الكتب والروايات، وهي تجربة قياس الروح، حيثُ يُخضع شخصٌ يحتضر في ظروف فيزيائية مُحكمة، ليُقاس وزنه في تلك اللحظات، وهو يحتضر تتصاعد روحه وثم يُودّع، والميزان يتناقص من مقداره بعض الجرامات، والفرق بين الوزن المُستجد والوزن قبل الموت بلحظات يُقال أنه وزن الروح!.
حسنًا، ما جدوى ذكر العقل والروح والتفلسف فيهما؟، ما أثار عقلي وروحي هو الاستدلال العقلي على وجود الخالق، وكما هو معلوم لديك أيها القارئ؛ أن المتعقّلين - وهم خلاف ذلك - يدّعون أنه لا وجود للرب، وأن كل شيء حدث نتيجة حوادث منظمة لها ارتباطات معقدة يُمكن تفسيرها عقليًا، وكل هذا التنظيم الكوني هو محضُ حوادث فيزيائية وكيميائية، والغريب أن هؤلاء المُتعقلين لا يقبلون التصديق والإيمان بشيء إلا إذا وُضع في المختبر التجريبي، ويكأنّ الكون قابل للتجريب والقياس، ويكأن العقل الذي يُعظّمونه قابل للقياس والتعريف!، والروح وما أدراك ما الروح؟. أحدُ المُلحدين وهو يناقش مُسلمًا سأله: ما هو الروح؟، ردّ عليه المسلم: عندما تموت ستعرف ذلك.
الموضوع يطول والنقاش فيه غير محدود، والعلم إليه ناقص وقاصر، كما هي عقولنا، سأتوقّف هُنا ثم أكملُ في تدوينة أخرى.
أتحرّى مداخلتك أيها القارئ والنقاش.