الأربعاء، 25 أبريل 2012

ناقصات عقل ودين ْ


العبارة التي يحفظها كل رجل ، ليعيب بها كل امرأة بطريقة شرعية - على فهمه - ولا تخلو من جهل عميق ، فلو تفقّه بها قليلاً لاستحى من قولها بشكل مُعيب.

لتوضيح ذلك ، 
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن} ، فقيل يا رسول الله : ما نقصان عقلها ؟. قال : {أليست شهادة المرأتين بشهادة الرجل} ، قيل يا رسول الله : ما نقصان دينها ؟. قال : {أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟}.

ففي هذا الحديث ، بيّن رسولنا الكريم أن نقصان عقل المرأة يكون من ناحية واحدة فقط وهي عدم ضبط حفظها في الشهادة ، فلذلك تُضبط الشهادة بامرأتين.
ونقصان دينها يكون في فترة الحيض ، لأنه لا تكون على طهارة فيسقط عنها الواجب.

وفي كلا الحالتين ، هذا شرعٌ من الله للرحمة بالمرأة ، والإحسان إليها ، وهي رُخص تأخذ بها المرأة طاعة لله ولرسوله فتثُاب عليها بذلك ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {إن الله يحب أن تُؤتى رخصه كما يحب أن تُؤتى عزائمه}.
فهذه تُحسب للمرأة ولا تُحسب ضدها.

ولا خلاف بأن الرجل إجمالاً أفضل من المرأة كما بينها الشرع في مواضع كثيرة ، ولكن هذا لا يمنع أن تكون المرأة أفضل من بعض الرجال بمراحل ، وقد شهدت لهن السير وشهد لهن التاريخ وما زال. 

هذا ، فاستحي يا رجل أن تُعيب المرأة بما خصّه الله لها ورحمها به. فاحذر من أن تعيب شرائع الله أو تتعدى عليها.

يكفي للمرأة أن تكون هي أول من أسلمت. وأول من آمنت. وأول من صدّقت. وهي من ولدت خير البشر محمداً صلى الله عليه وسلم.

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

الخريــف العــربـي ْ


هناك وعلى سهلة خضراء زاهرة ، يقبع قصرٌ عظيم ، قد تعالت جدرانه ، وامتدت رقعة بنيانه ، حتى رآه الناظر من بُعد عشرات الكيلومترات. تُحيط به من جهة الشرق بحيرة اصطناعية ، تسبح فيه الإوزّات ، وتتعايش مع بنات عمها البطّات ، ومن الجهة الغربية للقصر ، يجري نهرٌ عذب يحيي على ضفافه الأزهار ويُسقي النبات والكلأ ، الذي تتغذّى عليه الخراف والدجاج والماعز، كلها خيرات وُهبت لذلكم القصر الشامخ.
لكن، وعلى النقيض ، فقد قبع هناك بعيداً عن حمى القصر رجلاً قد تلبسّه الشر والحقد ، يحاول أن يجد طريقة يستلب بها القصر وثرواته ، فهو يكيل دائماً بسكّان القصر ، وينتظر اقتناص فرصة ً مناسبة ليحقق غاياته ، فلا يهنؤ له بال ولا تغفى له جفنة في كل ليلة بسبب مخططاته التي يسهر عليها.
تعيش في القصر العائلة المالكة وتتكون من أب حازم ، شديد على أبناءه ، وأم حكيمة ، تحنو على أكبادها ، وأربعة أبناء ، يكبُرهُم “معارض” ، وهو شخصية متقلّبة ، ثم تأتي “رابحة” ، تحب اقتناء كل شيء سواء نفعَ أم لم ينفع ، صوتها مسموع عند والدها ولا يرفض لها طلباً - كما تظنّ هي - ، وهناك “حامد”  وهو الأوسط ، أرجحهم عقلاً ، وأكثرهم تديناً ، يحب عائلته ، ويحمد ربه على نعمه ، أما الأخ الأصغر فهو “قانع” ، يعيش في هدوء ، يقضي جلّ وقته في قراءة كتاب أو كتابة مقروءة ، يحلم بعيداً ولا يخطو للأمام. 
 الوضع داخل القصر تسوده تقلّبات ، فمثله مثل أي بيت لا بد أن تتواجد فيه بعض النزاعات ، من جانب الإخوة بين بعضهم البعض ، ومن جانب تسلّط الأب بقراراته على أبنائه الأربعة ، ومن الجدير ذكره أن تلك القرارات غالباً تلقى معارضة واسعة من الإبن الأكبر “معارض” ، وشبه تأييد من “رابحة” ، وحياد من “حامد” وعدم اكتراث أو تدخل من “قانع”.  وفي كثير من الأحيان تصل رائحة تلك النزاعات إلى خارج أسوار القصر ، فيشتمّها ذلك الخبيث الحاقد فتصل إليه الأسارير ، ويتدخل غالباً مع الإبن الأكبر الذي يلتقيه من غير “مصادفة” في روحاته إلى العمل أو السوق ، فيزرع فيه الضغائن ويكيل به لتنفيذ خططه اللئيمة.
وفي إحدى الليالي السوداء ، كان الأب يتجول في حديقته النضرة ، وهو مُعجب بملكوته الرحب ، فجأة سقط في إحدى الحُفر.