السبت، 17 مايو 2014

التــحَـيْــون ْ

 يصحُّ لنا القول بادئَ ذي بدء، أن كل ما يحيا على وجهِ هذه البسيطة، أو يُحلّق في سمائها، أو يغوص في أعماقِ محيطاتها، أو يتسيّد بلادًا من بُلدانها، هو حيوانٌ اسمًا ورسمًا.

لعلّ داروين كان مُحقًا في النهاية، وأن أتباعهُ تفاهموا نظريته على وجه أحقرُ من الحيونةِ نفسها، فكل ما سبقَ ذكره يحيا ويموت، فهو حيوان. وعلى سبيل التفلسف، فكل معلم عظيم يسود أتباعٌ حمقى من تلامذته مفاهيمَ خاطئة، ثم تُصبح هي مدرسته، وهو بريء منها، كبراءة السيد ولد الشغال من قتل الرقّاصة التي تبلسُ من غير هدوم.

على كل حال، والحالُ من بعضه - كما يُقال -، فإن البشريةَ كرمها ربُّها - جلّ وعلا - عن الحيوانات الأخرى بالعقلِ، وخصّها بالتكليف، وأداءِ الأمانة، وبيّن لها سُبل الهُدى وذللّ لها طرق السير، {سيروا فيها لياليَ وأيامًا آمنين} سبأ١٨. 

والله خلق الناس مختلفين، وسخّرَ بعضهم لبعضٍ، لحكمة بالغة سبحانه وتعالى، وجعلنا قبائل لنتعارف.
غير أن هذه الأخيرة - القبلية - أصبحت داءً ينخر في ضحاياه من غير رحمة، ويقتل في أصحاءِ العقول أنواع القتلِ - لعنه الله-.

القبائل كانت متفرقة، يقتل بعضها بعضًا، في عداء وضير، وفي بحور من الظُلمات. حتى جاء خير الهدي محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - وجمعَ بينهم، وأصبحوا عائلةً واحدة، فأعزهم الله بالإسلام، ومكّن لهم في الأرض ورزقهم من الطيبات. 

الخُلاصة هي، أن القبلية جاهلية، والتمسّك بحبالها الخانقة هو قتل عمدٌ مع سبقِ الإصرار والترصّد، فلم تضييق الواسع، ولمَ الذُلّ والهوان بعد عزّة الإسلام. 

كانت القبائل لا تُناكح أعداءَها من القبلية الأخرى، وكانت القبيلة تعيش في عصور جليدية أشبه بقطعان من الحيوانات، التي لا يقرب الأسدَ من الحِمار، أما الآن، فالتمسّك بهذه القيم الهادمة هي فعلًا حيونة على أصولها. الحيوانات ظلّت كما هي، تعيش في قطعانها، أما البشر فافتراضًا أنه تبعًا لداروين، وصلوا من النمو والتطور ما يدعهم يتركون مثل هذه الفِعال.


هناك تعليق واحد :