‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصيرة. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

الخريــف العــربـي ْ


هناك وعلى سهلة خضراء زاهرة ، يقبع قصرٌ عظيم ، قد تعالت جدرانه ، وامتدت رقعة بنيانه ، حتى رآه الناظر من بُعد عشرات الكيلومترات. تُحيط به من جهة الشرق بحيرة اصطناعية ، تسبح فيه الإوزّات ، وتتعايش مع بنات عمها البطّات ، ومن الجهة الغربية للقصر ، يجري نهرٌ عذب يحيي على ضفافه الأزهار ويُسقي النبات والكلأ ، الذي تتغذّى عليه الخراف والدجاج والماعز، كلها خيرات وُهبت لذلكم القصر الشامخ.
لكن، وعلى النقيض ، فقد قبع هناك بعيداً عن حمى القصر رجلاً قد تلبسّه الشر والحقد ، يحاول أن يجد طريقة يستلب بها القصر وثرواته ، فهو يكيل دائماً بسكّان القصر ، وينتظر اقتناص فرصة ً مناسبة ليحقق غاياته ، فلا يهنؤ له بال ولا تغفى له جفنة في كل ليلة بسبب مخططاته التي يسهر عليها.
تعيش في القصر العائلة المالكة وتتكون من أب حازم ، شديد على أبناءه ، وأم حكيمة ، تحنو على أكبادها ، وأربعة أبناء ، يكبُرهُم “معارض” ، وهو شخصية متقلّبة ، ثم تأتي “رابحة” ، تحب اقتناء كل شيء سواء نفعَ أم لم ينفع ، صوتها مسموع عند والدها ولا يرفض لها طلباً - كما تظنّ هي - ، وهناك “حامد”  وهو الأوسط ، أرجحهم عقلاً ، وأكثرهم تديناً ، يحب عائلته ، ويحمد ربه على نعمه ، أما الأخ الأصغر فهو “قانع” ، يعيش في هدوء ، يقضي جلّ وقته في قراءة كتاب أو كتابة مقروءة ، يحلم بعيداً ولا يخطو للأمام. 
 الوضع داخل القصر تسوده تقلّبات ، فمثله مثل أي بيت لا بد أن تتواجد فيه بعض النزاعات ، من جانب الإخوة بين بعضهم البعض ، ومن جانب تسلّط الأب بقراراته على أبنائه الأربعة ، ومن الجدير ذكره أن تلك القرارات غالباً تلقى معارضة واسعة من الإبن الأكبر “معارض” ، وشبه تأييد من “رابحة” ، وحياد من “حامد” وعدم اكتراث أو تدخل من “قانع”.  وفي كثير من الأحيان تصل رائحة تلك النزاعات إلى خارج أسوار القصر ، فيشتمّها ذلك الخبيث الحاقد فتصل إليه الأسارير ، ويتدخل غالباً مع الإبن الأكبر الذي يلتقيه من غير “مصادفة” في روحاته إلى العمل أو السوق ، فيزرع فيه الضغائن ويكيل به لتنفيذ خططه اللئيمة.
وفي إحدى الليالي السوداء ، كان الأب يتجول في حديقته النضرة ، وهو مُعجب بملكوته الرحب ، فجأة سقط في إحدى الحُفر.