الجمعة، 29 يوليو 2011

رمـضــَـان ْ


رمضان على الأبواب ، يجيء في البال حتماً كثرة الطعام ومشاهدة الحرام والمبيت في الخيام .

بعضهم حالهُ في رمضان إجازة سنوية يلهو بها ، يُدمن المسلسلات والبرامج والمسابقات ، صائم بالنهار مُشيّش بالليل ، تالياً للقرآن نهاراً راقصاً على أوتار الأغاني ليلاً .

يجيء رمضان ويذهب ورَغِمَ أنفُ الكثير من أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ويا أسفاه على هؤلاء!.


يجيء رمضان وهناك فئة أخيَرْ ، فتترك المعاصي وتتفرغ للعبادة وكأنهم "مسلمين جُدد" ، فيكد ويجتهد وفور انتهاء الشهر ورواحُهْ ، كأن لم يمسّهُ خيرٌ قطْ !؟ ، كأن لم تنفحَهُ رحمات الشهر الفضيل ، فيعود لما كان عليهِ ويا لها من خسارةْ !.

فإلى متى ؟!

أما من توبة صادقة ؟! ، إلى متى تغرق بالمعاصي يا بن آدم وما خلقك الله إلا لعبادته!.


شهرٌ تُيسَّر فيه الطاعات ، وتُغلق فيه أبواب النار وتُفتح أبواب الجنة ، وتُسجَنُ الشياطين في أغلالٍ ، فكل هذه العوامل تُساعد على توفر بيئة إيمانية وروحانية لن تجدها في غيرها من الشهور!.

فهل من متصيّد لمغفرة ؟! ، هل من فائز بمسابقة العتق من النيران ومغفرة الذنوب!.

انوِ العودة إلى الله ، اعزم على التوبة الصادقة النصوح التي تُغيّر حياتك للأبد ، حياةٌ كلها لله ، ومِلؤها العبادة ، وحلاوتها الإيمان. فما أجملها من حياة ؟ وما أحلاها من عيشة ؟ ، إنها الحياة مع الله .

اللهم اهدنا لما فيه من الحق بإذنك وثبتنا على طاعتك ، اللهم آمين .


الاثنين، 25 يوليو 2011

جـَــمَــاداتْ الـَـكـون ْ



قال تعالى : {ألم ترَ أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء}.

يحثُّ المولى - تبارك وتعالى - في أكثر من موضوع في كتابه الكريم على التفكر والتدبّر في ملكوت الكون ، وفي ما خلق لنا من الأرض من الجبال والسماء والبحر والشجر والظلال والنور وغيرها ، وما هذه المخلوقات المُبهرة إلا أعظم دليل على وجود الخالق سبحانه وتعالى.

كم حاجَّ إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - قومَهُ ، فبعد أن هداهُ الله وجعله من الموقِنين ، أراد أن يُري قومَه أن الأصنام التي ظلوا لها عابدين لا تنفع لهم شيئاً ولا تضرهم ، ودعاهم إلى معرفة الرب عز وجل فالتدبّر ، وفي آيات سورة الأنعام سيرة هذه القصة .

{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الأنعام .


فدلّاهم على رب العالمين من خلال التفكر في مخلوقاته .



ومن هنا أود الوصول إلى أن الله الواحد القهار الخالق هو أعلم بمخلوقاته ، فلا يغرّنكم قول كثير من الإنس الكافرين الذين لم تفقه قلوبهم ولم تعقل عندما يتحدثون في الأمور الفلكية والغيبية . وأخص بالذكر هنا نظريات حفرها الغرب في أذهاننا ودُرّست لنا في مدارسنا للأسف ، كظاهرة الليل والنهار والفصول الأربعة ، ونظرية دوران الأرض حول نفسه ودوران الأرض حول الشمس . فلقد جاء الله تعالى قبلهم بمئات السنين وبيّن لنا من خلال كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن الشمس والقمر آيتين ، حيث قال فيهما تبارك وتعالى : {لا الشمس ينبغي لها أن تُدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلٌ في فلم يسبحون} .

الآية واضحة وضوح الشمس على الحركة المستمرة للشمس والقمر وأنهما آيتين تسبَحَانِ في الكون وتُسبّحان لإله الكون كما في قوله تعالى :{تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً} الإسراء – 44


وكلام أهل العلم الشرعي كثير وواضح في هذا الخصوص وتفسير الآيات متوفر لدى الجميع ، والحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : {أتدري ما مستقرها ؟} يسأله عن الشمس فقال عليه الصلاة والسلام : {فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيُؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يُقبل منها وتستأذن فلا يُؤذن لها ، يقال لها ارجعي من حيث جئتِ فتطلع من مغربها} .


حديث تقشعّر له الأبدان ، فهل من متدبّر ؟

الجمعة، 22 يوليو 2011

العوْلـمَـة ْ


تناظرنا صباحاً في محاضرة الثقافة الإسلامية عن موضوع العولمة ، انقسم الطلبة إلى فريقان أحدهما مع العولمة - وأنا منهم - والآخر ضِدّها .

اجتمعْنا نحن المؤيّدين للعولمة صباحاً في مكتبة الجامعة وبحثنا عن العولمة ومفهومها وتعريفاتها ، وطبعاً كما كنّا نتوقع فإن أغلب المقالات والمواضيع تتحدّث عن العولمة بشكلً سلبيٍّ ، وذلك أن واضح مفهوم العولمة رجلٌ يهودي أراد انحلال الثقافة الإسلاميّة وهيمنة الصهيونية والغربيّة على العالم أجمع ، ولعلّ هذا ما يحدث تقريباً .

لكنَّا وجدنا أيضاً تعريفاً إيجابياً استندنا عليه في مناظرتنا حتى نرجَّحَ كِفتنَا ، فقلنا أن العولمة هي : إعطاء طابع العالمية للشيء ، ومنها كسر الحواجز والحدود الجغرافيا والثقافية والاقتصادية بين دول العالم وتبادل المصالح والثقافات وإيجاد أسواق مشتركة .


هناك العديد من المقالات أخذت من العولمة جانبها الاقتصادي فقط ، حيث أنَّ العولمة في المنظور الاقتصادي لا يختلف عن النظام الرأسمالي الذي يريد إيجاد سوقٍ عالمي واحد مشترك ، وزيادة رأس مال الدول المتقدمّة على حِساب الدوَلِ النامية ، وهذا ما تشكّل عنه "صندوق النقد الدولي" ، وهناك أيضاً جانب العولمة السياسيّة والتي يُراد منها فرض سياسات عالمية مشتركة وتطبيق قوانين واتفاقيات يستفيد منها القوي على حساب الضعيف ، ولنا في "مجلس الأمن" خيرُ مثال .


الشاهد في الموضوع أنَ العولمة فعلاً ظاهرة واقعة وحققت أهدافها وبثت سمومها في العالم ، مما سبّب في انفتاح الدول الإسلامية وتأثرها بالثقافة الغربية مما أدى إلى انتشار الرذائل والفساد الخلقيّ .

لكن من الجانب الآخر فهناك إيجابيات حريٌّ بنا ذكرها وأن لا نتغافلَ عنها ، أهمها العولمة التكنولوجية التي أتاحت للعالم أجمع شبكة حاسوبية مشتركة سهلة الوصول يسهل من خلالها تبادل المصادر والمعلومات والمصالح ، وتتبعها برامج وتطبيقات سهّلت على الفرد - مهما كانت جُغرافيّته - العديد من أمور حياته ، وهذا واضح جداً .

لعلَّ أجمل مافي موضوع العولمة والذي جعلني أقف في جانب الـ (مع) هو أن ثقافتنا الإسلامية والمُستمّدة من شريعة ديننا الإسلامي الحنيف الذي هو أساساً قائم على العالميّة , وما محمدٌ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا رسولاً بُعث للعالم أجمع .

فالإسلام استفاد من العولمة في انتشاره في العالم ، فبدأً بالجزيرة العربيّة ووصولاً إلى السواحل الشرقيّة في آسيا ، التي انتشر الإسلام فيها بسبب العولمة ، متمثلاً في تبادل الثقافات وحُسن المعاملة بين التجّار المسلمين وشعوب تلك الدول .

ومع تطوّر الرُقعة الإسلامية وانتشار الفتوحات الإسلامية في أرجاء العالم ، ومروراً بالعصر الذهبيّ للحضارة الإسلامية التي بزغ منها علماء ومفكرين وفلاسفة قاموا بوضع أسس العلوم والرياضيات والطب ، واعتمدوا على بعض الترجمات الإغريقية واستمدوها من الثقافات الأخرى ، كل هذه الأمور ما كانت لتحدث لولا عالميّة الإسلام واستخدام وسيلة العولمة لتحقيق الغاية السامية المرجوّة .

وما تزال الخلافات تحوم حول العالميّة والعولمة باعتبارهُما مصطلحين مغايِرين ، وهذا الموضوع الشائك انتهى بالتعادل بين فريقي التناظر "مع" و "ضد" بحصولها على نفس العدد من النُقاط . وليس للموضوع خِتام ْ

الجمعة، 15 يوليو 2011

تــَخـيّـلْ !


كلنا نحفظ قول المولى عز وجل : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ، اختلف المفسرّين في تأويل (ليعبدون) فمنهم من قال : "أي لآمرهم وأنهاهم" ، ومن قال : "ليخضعوا ويتذللوا" - وهي معنى العبادة - ، ومن قال : "التهيأة للعبادة" أي خُلقوا بأجسام وأعضاء وأوصاف تناسب العبادة ، كما يُمكن أن نقول خُلق الثور للحرث ، وخُلق الخيل للحرب وهكذا .

ولكن تأمّل معي أن تكون حياتك كُلها ، أربع وعشرين ساعة في اليوم ، سبعة أيام في الأسبوع ، اثنا عشرة شهراً في السنة ، كلها عبادة في عبادة ! ، هل يمكن ذلك ؟!

أترك لك التعليق هذه المرّة .


الخميس، 14 يوليو 2011

أحـِـبَّ الرسُول ْ


اعلم رحمِك الله أن مقياس حبّكَ للرسول صلى الله عليه وسلم ليس بغلوّه كما يفعَل الكثير من الصُوفيّة معتقدين بأنهم أحب المسلمين للرسول عليه الصلاة والسلام ; بل إن حب الحبيب المصطفى يكون بطاعته بعد طاعة الله عز وجل ، وطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام من طاعة الله كما قال تعالى : {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.

وطاعتُه تكون في الامتثال لأوامر صلى الله عليه وسلم واجتبابِ نواهيه , فهذا من الواجبات على كل مسلم ومسلمة ، وزيادة في الخير وإظهار حبك للنبي أبي القاسم هو أن تتبّعه خطوة بخطوة ، وفي كل أمورك الدنيوية من أقوال وأفعال ومُعاملات وصفات وأخلاق .

فهل تبخل على نفسك أن تكون أخاً للنبي صلى الله عليه وسلم ؟! ، نعم فقد قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عنه خادمه أنس بن مالك ، قال : {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وددت أني لقيت إخواني" ، قال : فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أوليس نحن إخوانك ؟ ، قال : "أنتم أصحابي ، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني"}.


هل أحسست بهذه المنزلة ؟ ، أن تكون أخاً لخير الخلق وأشرف من وطأت قدماه الثرى ! ، اللهم إني أسألك إيماناً صادقاً وحباً خالداً لنبيك محمداْ ، واجعلنا أن نكون ممن قال فيهم صلى الله عليه وسلم (إخوانه).

الثلاثاء، 12 يوليو 2011

يمِّـنوا , تُيـمَّـنوُا ْ

أوصى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالتيمّن ، ففي حديث أمَّنا عائشة رضي الله عنها - اللهم احشرني معها - قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمّن في تنعلّهِ ، وترجّله ، وطهوره ، وفي شأنه كلّه }.

فهذه سُنة قدوتنا عليه الصلاة والسلام ، فاتباع أوامره واجتناب نواهيه من الأصول ، ومشابهة سننه التي يأمر بها هي من زيادة محبّته صلى الله عليه وسلم . فمن أحب النبي اتبعّه ، وليس الحب في التبرّك به بعد موته ، وطلب الشفاعة منه ، إنمّا شفاعته تكون بإذن الله تعالى وفي يوم المحشرْ .


فالتيّمن هو البدء باليمين ، فأحبَّ بدء لبسه النعال بالفردة اليُمنى ، وترجّله أي تسريح شعره وتحسينه فيبدأ بالشق الأيمن من الرأس ، وهكذا في شأنه كله ، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام .


لا شكَّ أن بعض العادات يسهُل تغييرها ، وما هذه الأمور بالعظيمة أو المُجهِدة ، بل هي أمورٌ بسيطة واعتيادية - روتينيّة - ، فاتبعوه في شأنكم كلّه بغية الثواب ، وإظهاراً لحبّه في قلوبكم .


وإن شاء الله لنا تكملة في تدوينات أخرى عن مشابهة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .


{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} - الفتح (29) .


 http://www.rasoulallah.net/

الاثنين، 11 يوليو 2011

مـُــفـَــارقــَــات ْ (2)


1.

خرج من المُجمّع التجاريّ مع أصحابه منتشياً بالفلم الذي شاهده ، أخذوا يدخنّون قليلاً ويتحادثون ، ثم مضُوا يلعبُون الورق في مجلس صديق ، ثمَ أذّن الفجر ; فلبَّ ، وقد أفلحْ .



2.
شخصيّة قياديّة ، مُخطّط جيد لحياته ، أهدافه طموحة ، مجدٌّ في عمله . أينَ حِفظ القرآن من أهدافك ؟! ، ما أفلحْ .


3.
صاحب أصدقاءَ سوءٍ ، جرّب فدخّن ثم أدمنَ ، أحرقَ مالهُ فبذرْ ، وإذا كبُر أهلكتهُ الأمراضْ ; فأخذ يُعالجُ نفسه مما كسبت يداهُ في عمرِه ، فما أفلحْ .

4.
بارُّ لوالديه ، خيّرٌ لأهله ، تزوّج تلك الجميلةْ ، ففاضلها على أمّه ، فلم ترضَ عليه ، فحقَّ عليه القول ، فما أفلحْ .


5.

خرج مع زوجته وهي بكامل زينتها ، لسانُ حالِه يقول : "انظروا ! لدي امرأة جميلة" ! ، وآخر سترت زوجته نفسها بسواد في سواد تثير اشمئزاز الناظرين . قد أفلحت! .



6.
منهم من يجري ليكون لائقاً ومنهم من يمشي مسرعاً ليقتل دهُون جسمه المُثقِلة ، وآخر يجلس يستنشق سُماً ويزفِرُ مرضاً ، وآخر يأكل ويشرب ثم يُغادر ولا يكترث لما خلّفه من فضلات ، يقول إنني وسِخْ . من أفلح ؟ .