الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

لماذا نعبد الله؟

من الذي يخشى الله؟
قال الله تعالى {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ}. أي الذين يعلمون الله حقًا هم الذين يخشونه، والعلم بالله هو الأصل الأول من أصول العقيدة.

فمن العلم بالله، أن نعلم وجوه أولًا، وهذا العلم يتحقق بالأدلة العقلية المستمدة من الشريعة ابتداءً، ثم بالتفكّر والنظر، الأدلة العقلية هي التي خاطبت العقول عبر مقدّمات ونتائج برهانية صادقة، أساسها القرآن الكريم، ثم ما جاءت به السنة الصحيحة، وهذه الأدلة سهلة الفهم، واقعية ومباشرة، يقينية ولا تقبل الشك عند العقلاء، فالحمدلله الذي بيّن ذلك وفصّله أحسن تفصيلٍ {ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين}.


قال ابن مسعود: "فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتي، وحكم كل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم، ومعاشهم ومعادهم".
لا يتحقق العلم بوجود الله دون العلم بأسمائه وصفاته الوصفية والفعلية، وهذا هو الأصل الثاني في العقيدة، وتلك الأصول تُستمد من مصادرها المعتبرة وليست محل نظرٍ أو اجتهاد، حيث أنها من الأمور الغيبية، وهي التي نتلقاها من الطريق العقلي السماعي فقط، وقد بيّنت لنا الشريعة أسماء الله وصفاته الكريمة، وعرفنا بالنظر والتجربة مآل تلك الصفات في خلقه وأقداره، ونعمه الواسعة على الناس وعلى المسلمين.

فإذا علم الإنسان أن له خالقًا بهذه الصفات وهذه العظمة، وأنه منّ عليه بأنه خلقه وكرّمه وسخر له مافي السماوات ومافي الأرض والبحر والجبال والمطر والرياح، شعر بحاجّة روحية فطرية بالامتنان والشكر العظيم الذي لن يبلغه، ولكنه سيحاول الوصول إليه ليملأ الفراغ الروحي الذي يريد أن يسمو إلى خالقه ويتواصل معه ويسأله عن كيف يشكر له هذه النعم، وكيف ينال رضا هذا الخالق العظيم وأن يديم عليه فضله.

هذه الحاجة الروحية لم يتركها الله لمخلوقاته تائهة، فمن كماله ورحمته الواسعة وحكمته البالغة أن اصطفى من خلقه رسلًا مبشرين ومنذرين، دالّين إلى طريق الله، مرشدين عقول الحيارى والزاهدين، فأنزلوا بالشرائع والعبادات من عند الله، وأدوا مهام الرسالة على أكمل الوجوه كلٌ إلى قومه، فهناك من هدى الله ومن حقّت عليه الضلالة، وكل ميسّر لما خلق له.

فالحمدلله أن بيّن لنا ذلك كله، وهدانا إلى صراطه المستقيم، وبيّن لنا طرق عبادته وشكره، كل ذلك بدلائل يقينية آمنّا بها بقلوبنا التي نعقل بها، وعلمناها فصرنا من العارفين، وكفّ عنا طرق الضلالة والبدع التي تاه فيها الكثير من العابدين على غير هُدى من الله. فالحمدلله على كمال الدين.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق