الخميس، 7 أغسطس 2014

في أنـفسـِكـُم ْ (٢)

تحدثتُ سابقًا عن موضوع مهم بنفس العنوان تجدُه في هذا الرابط، يُفيدك النظر إليه قبل البدء في قراءة الكلمات التالية.

العقل والروح يتشابهان في تخفّيهما، ويتشابهان في أهميتهما المُطلقة لدى الحيوان، والإنسان خاصةً، فالروح هي نحن، بدونها لن نكون، الجسد هو وعاءٌ يتشكّل بماهية الروح، فإن كانت الروح خبيثة تشكلت على سياقه الجسدُ كما قال ابن القيّم في كتابه الروح، وهي وجهة نظر تحتمل الحقيقة أو الخديعة، فعندما نعلم أن الجسدَ وعاءٌ ظاهريّ والروح مكنون خفيّ وهو الأهم؛ نعزو له كل التقدير والإشادة وبالغ الأهمية.

مع كل هذا الإيعاز للروحِ، والإيمان المُطلق للبشرية بوجوده الحتميّ، وبعظمته الأكيدة لكي تسري حياتنا، فإن العقلانيين لم يستطيعوا لحد الآن معرفةَ ماهيته، ولا قياسه في المختبر التجريبي، نعم يستطيعون تشريح الجسد، وكل عضو منه، ولكنهم لن يصلوا للروح أبدًا مهما حاولوا، لإنها تُغادر حال الموت وتتحول لصورة أخرى.

العقل أيضًا يُعاز له كل عظيم، ونعلم أنه ما يفرقنا عن الحيوان، وأنه مناطٌ للتكليف وحملِ الأمانة، وينتسب له الملحدين بعقلانيتهم المزعومة، ومع كل ذلك لم يروه رأي العين، ولم يُخضع لأي نوع من التجريب الذي يؤمنون به، فهذا من تمام التناقض لديهم في مبادئهم. فهل يُستدل بشيء غير محسوس وغير قابل للاختبار، للحكم على أشياء أخرى بقياسها واختبارها، وهل أيضًا يُستدل بهذا الغير المحسوس للوصول لشيء آخر غير محسوس وبالغ العظمة!؛ وهُنا أقصد الإله.

فالعقل والروح عظيمان يمتلكهما العاقل الحيّ هه لا جديد هُنا، وهُما حريّان بالتفكّر والاستدلال على قصر مفاهيمنا المحسوسة، فهؤلاء المُلحدين منكري الربوبية والألوهية، حريّ بهم أن يُنكروا عقولهم أولًا وأن يُميتوا أرواحهم للوصول للحقيقة المحضة، وهي أنهم لن يصلوا لشيء؛ ويجب عليهم التسليم المطلق والخضوع والتصديق بالرب والمعبود، الخالق المقدّر لعقولهم وأرواحهم؛ فإن كان شيء يستحق كل تلك العظمة والإشادة والتقدير والانتساب له بالرغم من تخفّيه عن الأعين، ووضوحه في البصائر الحيّة، فالرب هو المستحق لذلك، وليكونوا ربانيّين لا عقلانيّين!.
 {وفي أنفسكم أفلا تُبصرون، وفي السماء رزقكم وما توعدون} - الذاريات.


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق