الأحد، 23 نوفمبر 2014

التَـعــلّـم ْ

ليس في بالي موضوعًا محددًا، لكني أكتب لمجرد الكتابة، لأن الكتابة هي مُخرجات الروح والعقل، ومن دون مُدخلات لن توجد مُخرجات. بالمناسبة، هل تعلم كيف يتعلّم الطفل الكلام؟ ألا تتفق معي أن الكلام أو لنقل "اللغة" صعبة التعلم؟.
فنحن حتى عندما نبلغ زهرة العُمر نجد صعوبةً في تعلّم لغة ثانية غير اللغة الأم، فكيف يتعلم الطفل وهو بقدراته العقلية الضعيفة جدًا الكلام والتعبير لأول مرة؟ ألا يجدرُ التفكّر قليلًا، أو كثيرًا.

يتحدث عالم اللغويات والفيلسوف نعوم تشوموسكي حول هذا الموضوع في أحد اللقاءات، فيقول عن هذه القدرة العجيبة للطفل ويُفسر من خلالها الفطرة، نعم الفطرة. فمن دون فِطرة لن يكون هناك أي قُدرة على فعل شيء، وهل يوجد الشيء من غير موجِدْ؟

إن عمليّة التعلم دُرست بشكل عميقٍ وعريض في علم النفس، فهناك طُرق مختلفة للتعلّم أولها المُحاكاة والتقليد ثم  الاشتراط الكلاسيكي ثم الثواب والعقاب وغيرها. لنخض أولًا في ماهية التعليم؟ هل يُوجد تعريفًا للتعلّم؟ 
دعنا ننفُض عقولنا قليلًا عن المعارف السابقة للتعلم، ولنقل أن التعلم هو اكتساب سلوك جديد مُستحدث أو خبرة جديدة أو مهارة قيمة تُضاف للخبرات السابقة.

والآن لنعد لطرق التعلم، فالمحاكاة هي الطريقة الشائعة للتعلّم عند الطفل، فهو يشاهد أبويه يتحدثان ويتصرفان بكيفيات معينة فيقوم بتقليدهما بشكل مباشر، ومن ناحية اللغة فإن قدرات الطفل تتطور شيئًا فشيئًا في نُطق الحروف، بدءًا بالحروف السهلة مثل ما وبا والتي تُشكل بابا وماما، وهي حروف إطباق الفم. وأيضًا يتعلم الطفل عن طريق الثواب والعقاب، والذي يُعد أساسًا في معرفة الصواب والخطأ، وتكوين المبادئ الصلبة لدى عقلية الطفل، فقط تخيّل ماذا يُمكن أن يحدث إن تُرك الطفل أغلب وقته بعيدًا عن أبيه وأمه في أيدي خادمة أو مُربيّة!، كم الكم الذي سيُفقد في عملية التربية والتعليم لدى الطفل؟.

إن من أكثر طُرق التعلم فائدةٌ هو التعلم عن طريق المحاولة والخطأ، بمعنى آخر عن طريق الفشل، والفشل ليس سيئًا أبدًا، لكن تصوّر تلك البيئة الهادمة التي لا ترضى بوجود الخطأ والفشل، ولا يذهب بالك بعيدًا، إنني أتحدث عن البيئة التي يُفترض أن تكون المُورّد الأساسي لعملية التعلم، نعم المدرسة!. 

أنظمة التعليم المدرسي عندنا كارثية، لا أتحدث هُنا عن محتويات المناهج والكتب الدراسية، بل عن طريقة التعليم المُتبعة. فعلى مدى سنوات الدراسة الاثني عشرة، لا يفعل الطالب شيئًا غير الاستماع والتلقين، ثم إن الخطأ مرفوض ويُعاقب عليه، وهذا ما تفعله الاختبارات المؤلمة والتي يمقتها كل طالب. تخيّل أو لا فإنك تعلم يقينًا كيف هو الحال في المدرسة، تمتص تلك المعلومات الفارغة وُتبقيها في ذاكرتك لمدة ثم تُفرغها في ورقة الاختبار وبعد ذلك لا يبقى شيء. 
كم طريقة للتعلّم هُمّشت في بيئة المدرسة؟، كم عدد الأخطاء التربويّة التي يُجيزها التعليم المدرسي قانونًا وعُرفًا، حقًا هذا الموضوع لن ينتهي... وتعبت يداي من الكتابة.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق